هنا الحياة ليست كأي حياة

هنا النقب هنا الصحراء الكبيرة هنا الجنوب هنا كنا وما هنّا هنا ما زلنا نحب حياتنا نحب ظروفنا وكل ما تحمله الحياة لنا من قساوة من فضل وحياة، هنا فضل الأغلب أن يعيش عاشوا في خيام كل حمولة بكل عائلاتها أينما حل الماء حل الخير الوفير، ترأس كل عشيرة شيخ لها أدار شؤونها كل في ناحيته الخاصة به تربطهم علاقة الجيرة الحسنة والكرم الكبير ولا تربطهم علاقة مصاهرة فمحرم على بنات الحمائل الزواج بغير ابن أحد عائلاتها، إلا في حالات نادرة جدا!

 فرضت المدنية قسرا وجلبت معها الصفيح وودعوا صنع بيوتهم بأيديهم من شعر المواشي قصه وغزله وحبكه وخياطته وتجديده كل عام ومن ثم إحضار الاوتاد ورفع البيت على التراب بلا بلاط! ولا باطون ولا أي شيء غير التراب، قسم البيت الصغير الى قسم للرجال وآخر للنساء هذه البيوت الهشة البنية العظيمة المعنى هي البيوت التي آوت الاجداد رويت تحتها أجمل قصص الحب والصمود وعشق الارض وترابها الصلب! غزت المدنية فأمرت الجميع وداعا للترحال! ها نحن سنجمع في مناطق ربما غير اراضينا أو غير نواحينا لكننا سنكون مجتمعين مع بعضنا!!

فرقت الحياة قسمنا الى هامش القدس الشرقية الى الاردن وقسم الى سيناء مصر قسم الى ضواحي غزة وأطراف الضفة وقليل فاز بالبقاء ليحمل طيلة عمره وجع الاحتضان والم البقاء.

بنيت البيوت من الصفيح كانت أكثر صمودا من الخيمة لا تتحرك مع الريح ولا تهدم للتغطية من برد الكانونين كان الرضا بها صعبا كيف ان شح الماء ستُقْتَلع وكيف ان سكن الهواء في الصيف ستُشَرّع لتُدخِلَ النسيم من كل جهة!

بنى من سمح له وزنه بيتا من الحجر والطين المجبول بالقش بيوتا سميت بالبواكي ومفردها بايكة وقد آوت في معظمها الاهل والمواشي تحت سقف واحد بحجر منفصلة!

فرح الصغار بها كفرحهم لكل شيء جديد وأكثر فخامة من القديم وزاد الكبار هما وغما وهم من ولدوا ترعرعوا وشابوا في الخيام كيف سيوافقون مرغمين على ترك افئدتهم حزينة مع كل ذكرى وكل خصلة شعر وكل ذكرى لن تعود!

فرحة الكبار المصطنعة بالبيت الجديد قد تلاشت مع إلصاق أوامر الهدم ومن ثم هدمه فقد هدمت عدة بيوت بنفس الذرائع المستخدمة في وقتنا الحالي!

سرعان ما ينسجم البشر مع كل مستجد جديد تأتي الاوامر ببناء سبع قرى لتجميع السكان العرب بها وهي رهط، واللقية، وتل السبع، وشقيب السلام، وحورة، وعرعرة النقب، وكسيفة.

سكن بهذه القرى من سكن لكن بقيت نسبة كبيرة من السكان تنتظر الاعتراف بملكية اراضيها!! وانتقالها من الحياة القديمة الى الحياة المدنية المعاصرة لكنها قوبلت بالرفض والاجحاف وعدم الاعتراف بهم مواطنين يستحقون الخدمات في قراهم التي ما شهدت قرى افريقيا النائية على إهمال منظم مثله! بقيت يتيمة دون رعاية تشحذ خدمات لها من المدينة الكبيرة أو من القرى الثابتة ضعيفة الخدمات هي الاخرى!

القرى التي أعترف بآدميتهم سلط عليهم عديمي الشبع فعاثوا برشواتهم الفساد قدرما استطاعوا، استفادوا من خدمة الماء الكهرباء والدكان والمدرسة والعيادة القريبة لكنهم بقوا في نوع عن الانعزال وعدم التطوير مثل قرائنها البلدات ذات الحظ الاوفر والأجمل!

بيوت البلوك أنستهم لهب الصفيح وبرودة شتائه حيث الجلوس جانب المدفأة الكهربائية والبلاط الناعم المفروش بالحصير اشعرته بباشاويته المخفية والعظيمة!

قسم في بيوت طابق وطابقين وشوارع معبدة ومؤسسات حكومية بخدمات جزئية وسوق شعبي اسبوعي وثابت وعيادة لأطباء الاطفال والعائلة، واخرى استشارية، ومركز الام والطفل (טיפת חלב).

في الجانب المقابل بيوت صفيح أو بيوت مبنية من البلوك ذات سقف حديدي لا شوارع معبدة لا اعمدة كهرباء ولا مراكز تعليمية ولا طبية ولا اسواق ولا حتى لافتة على الشارع مكتوب عليها "ברוכים הבאים ל..." (أهلا وسهلا بكم في...)

فيما بعد بني لتلك القرى المظلومة مجلسا لاحتواء عذاباتهم فجعل في بئر السع!!سمي بمجلس أبو بسمة للقرى غير المعترف فيها عمل عدة اعوام ثم حل الى مجلسين القرى الشمالية تحت إمرة مجلس القيصوم او القسوم كما يطلق عليه الأهالي والقرى الجنوبية تحت إمرة مجلس واحة الصحراء والخدمات التي تقدم به ضحلة لا تصل الى معونة رجل هرم (من اعتناء ورعاية كاملين) لأربعين طفلا !!!

مدت لهم خطوط مياه ضخها ضعيف وبنيت بجوار بعضها مدارس وكرفانات لخدمات الصحة من غير الطب الاستشاري جميعه! وبغير خدمات تصوير الاشعة!

يعالج هذين المجلسين الاوضاع الاجتماعية لمن زاده الارهاق ارهاقا وتعبا: التسجيل للسفريات المدرسية اليومية وللروضات والحضانات اليومية ان وجدت! إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني التي تعمل في الجنوب.

وكلت بعض العيون لمراقبة كل مبنى جديد صفيح كان او باطون والابلاغ عنه فغالبا ما يهدم وهو في طور بنائه او عند تجهيزه! وهكذا يتم إهدار أحلام الشباب، فلا زواج للشباب الا بعد عمر طويل ولتتتسع مقاهي ومطاعم ونوادي المدينة الكبيرة حيث باتت الام الحنون الوحيدة لهم!!!!

بين الفينة والاخرى يؤمر اصحاب القرى بالتنازل للحكومة عن غالبية اراضي القرية مقابل الحصول على منحهم الاعتراف. البعض يوافق مرغما بسب الضائقة السكنية والبعض يواصل الصمود عله يحصل على تسوية أرحم مع الحكومة من أجل نيل الاعتراف...!

ربما استطعت وصف ربع الحال او ربع حال منطقة السياج أوصلت لكم الصورة من منطقة سكناي حيث الشمال الاعلى من النقب.

في ظل هذه العذابات المستدامة هناك حياة جميلة تحاك كل يوم تروي قصة شعب يحب الحياة رغم قترها الدائم عليه، شعب فَضًّل البقاء دونما حياة وقت الحياة هان عليه كل صعب تقدمه له امه الارض!!! هنا الحياة ليست كأي حياة!


مصدر الصورة المرفقة للمقال.

ريتا أبو الطيف

ناشطة اجتماعية ومديرة مشاركة في منصة "هُنا الجنوب"

شاركونا رأيكن.م